هل يشن ترامب حرباً قبل مغادرته؟
لم يكن يتوقّع الرئيس الأميركي دونالد ترامب خسارة انتخابية أمام منافسه الديمقراطي جو بايدن. كانت كلّ المؤشرات لديه توحي بأنّه سيكون الفائز مرّة ثانية بإدارة البيت الأبيض. تبدو المسألة قناعة شخصية أكثر ممّا هي الإيمان بقدرات الحزب الجمهوري.
اللّافت أنّ المحيطين بترامب يتحدثون علناً أمام الإعلام عن “الحالة الترامبية” التي ثبّتها واحد وسبعون مليون ناخب أميركي. لذا، فإنّ الرئيس الأميركي مصمّم على خوض معركته الرئاسية في الدوائر القضائية حتى آخر لحظة. لكنّ الخطير هو ما يُمكن أن يُقدِم عليه ترامب خلال آخر شهرين من عمر ولايته الرئاسية: نحو حروب خارجية، أو أزمات داخل الولايات المتحدة؟ يُمكن للرئيس الأميركي اتخاذ أيّ قرار يشرّعه له الدستور. سيعمل ترامب على تنفيذ أيّ خطوة ترسّخه رجلاً قوياً في تاريخ الأميركيين. هو بطبعه يهوى التميّز والمغامرة لتحقيق طموحات شخصية. يصبّ في هذا الاتجاه إصداره كلّ يوم عقوبة جديدة ضد إيران، في محاولة للتضييق على بايدن بشأن إحياء الاتفاق النووي مع طهران.
يعزّز من فرضيات الحرب الخارجية التي من المحتمل أن يشنّها ترامب محطّات تاريخية جسّدتها قرارات رؤساء أميركيين سابقين في آخر ولاياتهم الرئاسية:
- أقدم جورج بوش الأب على غزو الصومال أوائل ديسمبر 1992، وبقوّة فرقتين: 28 ألف جندي، تحت ذريعة التدخل الإنساني.
- قصف بوش بغداد خلال أيامه الأخيرة، وقبل تنصيب خلفه، يوم 20 يناير 1993.
- وقّع جورج بوش الابن اتفاق الانسحاب الأميركي من العراق في نوفمبر 2008.
- افتعل ليندون جونسون حربه في فيتنام، ليس فقط بعد انسحابه من السباق الرئاسي، أواخر مارس 1968، بل وبعد فشل نائبه، هيوبرت همفري، في الفوز في نوفمبر.
- ذهب هاري ترومان في الحرب الكورية حتى النهاية، ولآخر يوم في ولايته.
كل تلك المحطّات تؤكد أنّ الأميركيين معتادون على رؤساء يفتعلون حروباً في آخر ولاياتهم. فكيف الحال مع ترامب الذي يسعى إلى ترسيخ اسمه في تاريخ الولايات المتحدة؟ إنّه يلّوح بأزمة داخلية لا تمنعه من الإقدام على اتخاذ قرار الحرب ضد إيران، نتيجة عجزه عن إشعال حرب مع دول أخرى، لا سيّما الصين التي لم تُقدم مع روسيا على تهنئة بايدن بفوزه الانتخابي، وهي تنتظر إعلان النتائج الرسمية للولايات المتحدة الأميركية.
بدأت المؤشرات تلوّح بوجود استعدادات عسكرية أميركية لضرب مصالح إيرانية، وقطع الطريق أمام أيّ اتفاق وارد بين بايدن والإيرانيين. لكنّ المطّلعين يقولون أنّ هدف ترامب من وراء كلّ تلك الاستعدادات هو محاكاة الداخل الأميركي، لا شنّ حرب خارجية لم يُقدم عليها خلال سنوات ولايته الرئاسية الأربع. ومن هنا لا يمكن الجزم أنّ الرئيس الأميركي سيُقدم على اتخاذ قرار بحجم الحرب على دولة أخرى، لأنّ الظروف الحالية غير مؤاتية بسبب تداعيات كورونا، واقتصادياً نتيجة الإخفاقات المالية المتتالية، وقد تكون تلك الحرب هي آخر حروب الأميركيين، في وقت تحتاجون في الإقليم إلى حروب تشكّل مخارج للأزمات الحالية.
فلماذا يُقدم ترامب على إجراء تغييرات سياسية حكومية عسكرية؟ قد يكون هذا الاستعداد هو بسبب أزمة داخلية محتملة في حال أصرّ ترامب على رؤيته بشأن “فوزه في الإنتخابات”، وهو يصفّي حساباته مع مسؤولين لم يكترثوا لقراراته، وامتنعوا عن تنفيذها كما فعل وزير الدفاع المُقال، إزاء رفض الانسحاب من أفغانستان.
عباس ضاهر